إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 9 أكتوبر 2011

الأطلال 2

قلنا سابقأ أن اللغةَ العربية كان لها حراسُها الذين من بينهم الأديب الفذ الكبير " مصطفى صادق الرافعي " الذي ذكر كيف يفخر الفرنسيون بلسانهم " أي لغتهم" ..وكيف أن المجمع العلمي الفرنسي ظل يناضل بغير كلل أو ملل في الفرنسيين لإبطال كلمة غريبة تسربت إلى لغتهم من أثر الحرب العالمية وكانت الألسنة تلوكها وهي كلمة " نظام الحصر البحري" واعتبر أنها جاءت مع نكبات فرنسا في الحرب . فلما ذهبت تلك النكبات وتلك الحرب رأي المجمع العلمي أن تلك الكلمة وحدها نكبة على اللغة كأنها جندي دولة أجنبية في أرض دولة مستقلة فطالب بإبطالها ولم يسترح حتى أسقطها بل وأزالها..
كان ما سبق مقدمة لبيان مدى الهوان والانسحاق والضياع الذي تعيشه وتمر به لغتنا العربية التي بدت غريبةً في أرضها وركيكةً ومشرّدة على ألسنة أبنائها والناطقين بها .. وما ذلك إلا انعكاس للهوان والضياع وفقدان الهوية للأمة بأسرِها . بعد أن فقدت الأمة آخر ذخيرتها من أبنائها وحراسها والغيورين عليها ..
فقد عاشت الأمة العربية عصرها الأخير " قياسأ بهذا الزمن الرديء" الذي اجتمع فيه الأفذاذ في مجالات شتى .في الشعر فكان فيها "أمير الشعراء أحمد شوقي " و " شاعر النيل حافظ إبراهيم " و " الأخطل الصغير بشارة الخوري و" شاعر الجندول علي محمود طه و" شاعر الشباب أحمد رامي" و" شاعر السيف والقلم محمود سامي البارودي" و" شاعر تونس الخضراء أبوالقاسم الشابي"  .. وفي الغناء فكان فيها محمد عبدالوهاب وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وفريد الأطرش وفيروز وغيرهم .. وفي الأدب والثقافة كان طه حسين والعقاد ومصطفى صادق الرافعي والمنفلوطي ونجيب محفوظ  ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم وغيرهم وغيرهم فهم كثرُ .
أما اليوم فكل شئ شاهد على مصرع اللغة العربية على يد أبنائها حيث تم إلغاء العمل بقواعدها وتاه نَحوُها وضاع صَرفُها وما تكاد تجد من ريحِها شيئا ..فقادة الأمة وزعماؤها تجد ألسنتهم معوجة ومخارج ألفاظهم في غاية الركاكة والضحالة سواء في أقوالهم المرتجلة أو خطاباتهم المكتوبة 0وما تملك حين تسمعهم إلا أن تشعر بالاشمئزاز والتأفف ناهيك عن الإعلانات الفاجعة الصادمة وبها أخطاء إملائية تصيب عين الرائي بالقذى ..
حتى أنني سمعت مذيعة أحد البرامج الثقافية تقول بالنص " قام ببطولته رجُلان0 إحداهُما سائق حافلة" وهكذا جعلت مثنى "الرجلين " مؤنثأ فبدل أن تقول " أحدهما " قالت " إحداهما" وقِسْ على ذلك . 
كما أن أدعياءَ الأدب والثقافة _ وتلكم هي الطامة الكبرى_ ما من هم لهم إلا خنق وشنق وقتل اللغة العربية ثم التمثيل بجثتها بدم بارد..
وأنت إذا عقدت امتحانأ بسيطأ في الإملاء لشرائح مختلفة من بين الحاصلين على مؤهلات عليا " جامعية" ومتوسطة بل وخريجي كليات اللغة العربية والآداب والتربية ستجد العجبَ العجابَ وستعرف لماذا تمكّن منا الأعداء  ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق