إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

محاكمة العصر و" الجريمة " في مصر (1)

كتبهـا : محمد شحاتة - بتــاريخ : 6/29/2009 5:28:05 PM, التعليقــات : 12
لأنه قد صدق من سمى قضية مقتل الفنانة سوزان تميم والحكم على رجل الأعمال والمستثمر ونائب مجلس الشورى وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم في مصر "محاكمة العصر".. وذلك حال كونها رمزية شديدة الدلالة على طبيعة هذه المرحلة التي نعيشها ..
ولأنها غنية وثرية بما حوته من حيث نوعية الجريمة المرتكبة وشهرة أطرافها ..
وكذا الظهور الواضح و المؤثر بلا تحفظ لعناصر السلطة والمال والسياسة ..
والتداول القانوني للجريمة من حيث القاضي الذي يحاكم والمحامي الذي يدافع ..
إضافة إلى التناول الإعلاني والتغطية الإعلامية للقضية في عصر الفضائيات...
ما جعلها بالفعل "قضية العصر" أو"قضية الموسم " في بلد بحجم مصر ..
حيث لا زالت تتحف العالم خاصة العربي بقضايا جاذبة لكل عناصر الإبهار كما كانت تجذبه منذ الخمسينات بقضايا السياسة والأدب والفن ..
من أجل هذا ليس كثيراً على هذه القضية أن نتناولها من زواياها المختلفة بقراءة تحليلية عابرة نستكشف من خلالها نوعية الأرض التي نقف عليها..وطبيعة العصر الذي نحياه.. وطبيعة الهواء الذي نستنشقه ..
لذلك نستهل سلسلة مقالاتنا بهذا الذي عنوانه محاكمة العصر والجريمة في مصر.
فلا زالت الأذن المصرية تتناقل الجريمة المعروفة بقضية "ريا وسكينة" والتي وقعت منذ قرابة القرن في الإسكندرية . والتي ذاع صيتها وطبقت شهرتها الآفاق والمتمثلة في تشكيل عصابي مكون من بعض العاطلين تتزعمه امرأتان شقيقتان "ريا وسكينة" للاستيلاء على المصاغ الذهبي للسيدات عن طريق خنقهن ودفنهن ..
حيث أثار اختفاء بعض السيدات موجة من الذعر والهلع جابت ربوع مصر طولاً وعرضاً حتى تم اكتشاف الجريمة "بالصدفة" .. وتم الحكم على ريا وشقيقتها سكينة وباقي المتهمين بالإعدام... وقد حفرت تلك الجريمة المروعة "آنذاك" آثارها شديدة الوضوح في سجل الذاكرة المصرية كدلالة على بشاعة الجرم وفداحة السلوك وموت الضمير ...
وقد مر ثلاثة أرباع ذلك القرن منذ تلك الحادثة على نار هادئة كما يقولون لننتقل دفعة واحدة إلى الربع الأخير من هذا القرن وهو ربع لعين بالفعل من هول العاديات وبشاعة الحادثات التي عمرت بها هذه العقود الثلاثة الأخيرة من عمر المصريين الذين حفل سجل الجريمة عندهم بجرائم من نوعية المرأة التي قتلت زوجها بالساطور ومزقت أوصاله ثم وضعت جثته في برميل ثم صبت عليها الخرسانة الإسمنتية المسلحة وغرست في وسطها عامود هوائي التليفزيون ..
وكذا الطبيب الأشهر الثري الذي أطلق الرصاص في عيادته على رجل ثم قطع الجثة بالمنشار الكهربائي بمساعدة الممرض ثم عبأها في أكياس ليوزعها على أماكن نائية ولا ينسى أن يمر على الأشلاء الممزقة بعجلات سيارته جيئة وذهابا زيادة في النكاية أو التشويه أو إخفاء معالمها!!! وكذا جريمة بني مزار التي يقتل فيها أكثر من عشرة مواطنين من أسر مختلفة في منازل متباعدة وفي وقت قياسي متلاحق وتقطع أعضاؤهم التناسلية جميعا " وفيهم أطفال ونساء وشيوخ وشباب" بحرفية جراحية ملحوظة وتوضع بجوار الجثث حمائم مقطوعة الرأس !!(ولم يزل الفاعل أو الفاعلون مجهولين حتى الآن) حيث تم الصاق الاتهام ببرىء !!!!
ثم ننتقل إلى جرائم الأسرة التي لا تكاد تخلو منها الصحف يومياً من قتل الزوجة لزوجها والأب لأسرته جميعها .. وزوجة الأب لأطفال زوجها ..
علاوة على جرائم الثأر المقيت التي ترتكب في قلب بيوت الله دون انتظار حتى للفراغ من الصلاة ..
كما لم تحرمنا السلطة القائمة على الحفاظ على الأمن من مساهماتها الفعالة ومشاركتها الوجدانية في دنيا الجريمة فنجد قضايا القتل تحت التعذيب السادي التي قام ببطولتها ضباط الشرطة التي هي في خدمة الشعب ضد من يقع تحت سيطرتهم ممن المواطنين الأبرياء والمتهمين في جرائم لم تفصل فيها العدالة...
وقد طفحت الجرائد السيارة بنشر تفاصيل هذه الجرائم المروعة بينما لم تفض الداخلية  يدها منها بعد ..
وما بين هذا وذاك العشرات بل المئات من الجرائم الدموية التي يعلوها القاسم المشترك من ذبح وتقطيع وتشويه وتعبئة في أكياس حتى أن الروح المصرية الساخرة بطبيعتها قد عالجتها بجعل الأكياس والساطور والسكين رمزأ أو أداة أو حاكما في العلاقة بين المرأة والرجل عموما وبين الأزواج في الأفلام والمسلسات حتى النكات ببين المصريين ...
كما لم تعدم الجرائم طرافتها وأشهرها سرقة ونش عملاق فائق الضخامة على وجه الخصوص كان يسير "مسروقاً" كالسلحفاة في قلب القاهرة وفي وضح النهار ولم يتم الاستدلال حتى الآن على السارقين ولا على الونش العملاق؟
ولئن كان السبب الرئيس في تلك الجرائم هو اختلال ميزان العدالة الاجتماعية وميله بشدة ما جعل الطبقة الأعظم والأغلبية الأكسح من الشعب تنسحق تحت وطأة استغلال وسيطرة ونفوذ شريحة انتهازية تسيطر على مقدرات البلد وتضع يدها على خيراته وتشغل بأبنائها معظم الوظائف المميزة بل والسيادية سواء تنفيذية أو تشريعية وبعض القضائية .. وهو ما نتج عنه هذا البحر الراكد من البطالة وتلك البحيرة الآسنة العطنة من السلوكيات التي يفرزها الفقر والتصارع على قوت الحياة ورغيف العيش .. والمقاتلة من أجل البقاء على حافة شاطئ الحياة الكريمة ما جعل الجريمة عند هذه الطبقات أبسط من شرب الماء وصار العنف وسيلة الوصول إلى الحقوق أو وسيلة لاستلاب الحقوق .. سيان  ..
ورغم رفاهية العيش عند الشريحة الأخرى  فإن الجريمة لم تغادر تلك الشريحة الفاحشة الثراء القابضة على الأعناق والباسطة يدها على المقدرات ..
وبالطبع فإن جرائم الأغنياء وإن لم تختلف عن جرائم الطبقة الدنيا ..
كونها مغرقة في بحور أغلى العطور الفرنسية ومعنونة بأشهر الماركات العالمية من نوعية " بيير كاردان " و" كريستيان ديور" ومتخذة الطائرات والدولارات والبنوك والأبراج والفضائيات والصحف مسرحاً وأدوات لها إلا أنها في كل حال جرائم يؤكد تزايد أعدادها
بطريقة جعلتها في مصاف الظاهرة وتؤكد بشاعتها وسهولة الإقدام عليها رغم تفاهة الأسباب الدافعة إلى اقترافها ..
ويؤكد انتشارها وتزايدها أحكام الإعدام الهادرة كالشلال والتي تعدت ال83 حكما بالإعدام في بضعة أشهر ما يعني أن مصر تقف بالفعل على شفا جرف هار....
وأن الخلل بالتركيبة الاجتماعية ينذر بكارثة من الكوارث التي لايمكن أن تطرف عنها عين التاريخ أو أن يتوانى عن إدراجها في سجل الفواجع البشرية والانسانية لديه ..
وهو ما نتمنى أن يشملنا الله بعنايته ...
                   وأن يكلأ مصر بحفظه...
                    وأن يقيها شر الفتن وشر أعدائها
                                    ولو كانوا من أبنائها
                                      الذين سفحوا دمها وسلبوا خيرها
                                                 وأكلوها لحماً وسحقوها عظاماً ..
 طباعة الموضوع    حفــظ الموضوع    المفضلـة    أرسل المــوضوع    Face Book    أبلغ عن إساءة

1.  تعليق بواسطة : محمد عابدين - بتــاريخ : 6/29/2009 - 7:00 PM رد على تعليق محمد عابدين
عنوان التعليق: الحقائق لا تحتاج تعليق
كل ما ذكرت من حقائق لا تحتاج تعليق سوى بالبلدي (( الله ينور عليك يا ولدي )) ومنهم لله إللي كانوا السبب .. تحياتي ولدي الغالي على تلك الجرأة والجراءة .. هي دي ولادك يا مصر . ربنا يحميهم
 أبلغ عن إساءة
2.  تعليق بواسطة : منى محمد - بتــاريخ : 6/29/2009 - 11:46 PM رد على تعليق منى محمد
عنوان التعليق: سؤال
مرحبا إستاذي محمد الجريمة ليست حكرا على مصر صارت لها سوق سوداء في كل مكانبالعالم العربي والاسلامي لكن ياترى ماهو السبب الرئيس ؟؟ سؤال لئيم صح
 أبلغ عن إساءة
3.  تعليق بواسطة : عاطف - بتــاريخ : 6/30/2009 - 3:55 AM رد على تعليق عاطف
عنوان التعليق: مصر بخير يا خوانا
ومع ذلك فمصر بخير يااخي محمد وياريت البنت الامريكانية تقول لنا عن سبب انتشار القتل في امريكا رغم الرفاهية العظيمة ؟!!
 أبلغ عن إساءة
4.  تعليق بواسطة : أبو كريم - بتــاريخ : 6/30/2009 - 8:25 AM رد على تعليق أبو كريم
عنوان التعليق: مصر بخير ... وبلاش ظلم
مصر بخير يا أستاذ محمد ... وبلاش ظلم ... فقد تم العثور على الونش المفقود في نفس المكان الذي فقد فيه وسط المساكن الشعبية التي كان يشارك الونش المذكور في بنائها، وذلك بعد حوالي 15 سنة، حيث اشتكى الأهالي من ميل الونش العملاق على المساكن وخطورة وجوده بين المباني السكنية طوال هذه المدة، فإذا بوزارة الداخلية المصرية تتعرف على ونشها الحبيب، وتأخذه في أحضانها بعد طول غياب، على الرغم من أنه لم يبرح مكانه... وفي تلك الأثناء اتهم من اتهم، وسجن من سجن... والونش واقف في مكانه لم يتحرك!!
 أبلغ عن إساءة
5.  تعليق بواسطة : مدون زين الدين الكعبي - بتــاريخ : 6/30/2009 - 11:00 AM رد على تعليق زين الدين الكعبي
عنوان التعليق: رد
هذا ما يتولد من زواج المال والسلطة . في بيئة عديمة الديموقراطية .. تحياتي على الموضوع والتحليل الممتاز
 أبلغ عن إساءة
6.  تعليق بواسطة : ناجي الشرقاوي - بتــاريخ : 6/30/2009 - 10:23 PM رد على تعليق ناجي الشرقاوي
عنوان التعليق: الله يا استاذ
الاخ الفاضل الاستاذ/محمد تحليل عميق لواقع اصبح صعب لكن تري ماذا يخبيْ لنا المستقبل ....ندعو الله ان يشملنا برحمته...تحياتي
 أبلغ عن إساءة
7.  تعليق بواسطة : مدون محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/1/2009 - 9:00 PM رد على تعليق محمد شحاتة
عنوان التعليق: رد على تعليق الكبير أ/ محمد عابدين
أستاذنا الكبير .. وحشتني.. أنا في غاية الأسف على التأخير في الترحيب بك ولكنها مشكلة في سبيهلا للحل بإذن الله .. شكراً لك يا كبير مسارعتك في التعليق .. مصر بخير وستظل بخير ان شاء الله .. شكراً يا أستاذنا
 أبلغ عن إساءة
8.  تعليق بواسطة : مدون محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/1/2009 - 9:05 PM رد على تعليق محمد شحاتة
عنوان التعليق: رد على تعليق / منى محمد
ومنذ متى يا منى لم تكن اسئلتك لئيمة ؟ ولكن مرحبا بك أولاً ولو أنني في شدة الحزن من مقالك الأخير عن العرب .. وقبل أن تسأليني ولماذا لم أعلق عليه .. أجيبك أن عندي مشكلة تقنية حالما أنتهي منها سوف تنهال تعليقاتي عليك .. أما فيما يخص تساؤلك عن السبب الرئيس للجريمة ؟ فأقول لك أن مجموعة الظروف المتشابكة والعوامل المتداخلة والسياسات الخاطئة والتناول السيء كل ذلك صنع الجريمة أو شارك في صنعها أو دفع لإلى صنعها وهو ما نأمل أن يتغير كل ذلك بالوعي والتنبه للأسباب المؤديةإلى ذلك ومكافحتها .. شكراً لك وآسف على التأخر في الرد..
 أبلغ عن إساءة
9.  تعليق بواسطة : مدون محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/1/2009 - 9:11 PM رد على تعليق محمد شحاتة
عنوان التعليق: رد على تعليق / عاطف
نعم يا عاطف .. مصر بخير . وبألف ألف خير .. وستظل بخير مهما دهمتها الحوادث .. ومهما تكالب عليها الثعالب .. ومهما روعتها الخطوب .. مصر محمية بربها .. ومحفوظة بقرآنه . مصر آمن مكان على وجه الأرض .. مهما قلنا ومهما حدث ومهما سنقول ومهما سيحدث .. حفظ الله مصر وأرضها ونيلها وسدها العالي وشعبها وأبناءها شعب الكنانة الأصيل ..
 أبلغ عن إساءة
10.  تعليق بواسطة : مدون محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/1/2009 - 9:14 PM رد على تعليق محمد شحاتة
عنوان التعليق: رد على "ونش" أبو كريم
آسف يا أبوكريم يبدو ان معلوماتي قديمة ومتأخرة .. ولو كنت أعلم أن الونش عاد إلى أرض وطن الداخلية سالما بعد 15 سنة لنوهت عن ذلك .. شكراً لك .. أبا كريم
 أبلغ عن إساءة
11.  تعليق بواسطة : مدون محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/1/2009 - 9:42 PM رد على تعليق محمد شحاتة
عنوان التعليق: رد على تعلق الأخ زين الدين الكعبي
أهلا وسهلا زين .. آسف على التأخير في الرد .. فعلاً زواج المال والسلطة تؤكده مقولة أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة .. فما باللكبالسلطة المطلقة حينما يدعمها المال المطلقة .. تبقى راحت الدنيا .. شكرا لك يا كعبي
 أبلغ عن إساءة
12.  تعليق بواسطة : مدون محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/1/2009 - 9:46 PM رد على تعليق محمد شحاتة
عنوان التعليق: رد على تعليق المهندس / ناجي الشرقاوي
أهلا وسهلا بك استاذ ناجي .. وأنا في شدة الشكر والامتنان لمتابعاتك واطرائك الجميل الذي هو كثير علينا .. ويسعدنا دائما تواجدك على صفحات مدونتنا المتواضعة . وشكرا لك سيدي
 أبلغ عن إساءة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق