5. تعليق بواسطة : محمد حمدان - بتــاريخ : 8/12/2009 - 6:13 AM | رد على تعليق محمد حمدان |
عنوان التعليق: مصر |
كلمات جميله لاستاذ الرافعي لها واقع في النفس جميل ولكن ارد ان تكتب للرافعي فهناك اشياء له اكثر من رائعه تقدمه افضل ننصحك ان تعيد قرائه الرافعي وتكتب عنه التصور السليم ولاتختزله في هذة الكلمات التى تقلل من ادبه عندم تريد الكتابه عن عملاق مثل مصطفي صادق الرفعي فلاتختزلة في مثل هذة الكلمات لكي تعطيه حقه لانه عملاق فاختر مالهو من شموليه الاعمال البسيطه التي ينظر لها بسطحيه فتقلل من شانه وانت تظن انك ترفعه\ فيا استاذ محمد عد واقراء له جيدا لكي تخرجه فيصورته العالية لك الف تحيه علي مجهودك |
أبلغ عن إساءة |
|
6. تعليق بواسطة : محمد - بتــاريخ : 8/12/2009 - 6:20 AM | رد على تعليق محمد |
عنوان التعليق: مصر تكملة |
ولد مصطفى صادق الرافعى في يناير سنة 1880 و آثرت امه ان تكون ولادته في بيت ابيها. دخل الرافعى المدرسة الابتدائية و نال شهادتها ثم اصيب بمرض يقال انه التيفود اقعده عدة شهور في سريره و خرج من هذا المرض مصابا في اذنيه و ظل المرض يزيد عليه عاما بعد عام حتى وصل إلى الثلاثين من عمره و قد فقد سمعه بصورة نهائية. و لم يحصل الرافعى في تعليمه النظامى على أكثر من الشهادة الابتدائية. و معنى ذلك ان الرافعى كان مثل العقاد في تعليمه, فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية. كذلك كان الرافعى مثل طه حسين صاحب عاهة دائمة هي فقدان البصر عند طه حسين و فقدان السمع عند الرافعى. و مع ذلك فقد كان الرافعى مثل زميليه العقاد و طه حسين من اصحاب الارادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات التي وضعتها الحياة في طريقه, و انما اشتد عزمه و أخذ نفسه بالجد و الاجتهاد, و عام نفسه بنفسه حتى استطاع ان يكتسب ثقافة رفيعة وضعته في الصف الأول من ادباء عصره و مفكريه. و قد تزوج الرافعى في الرابعة و العشرين من اخت صديقه الاديب الاستاذ عبد الرحمن البرقوقى صاحب مجلة البيان و صاحب أفضل شرح لديوان المتنبى, و انجب الرافعى من زواجه عشرة أبناء. اضطره المرض إلى ترك التعليم الرسمي، واستعاض عنه بمكتبة أبيه الزاخرة، إذ عكف عليها حتى استوعبها وأحاط بما فيها. عمل في عام 1899 ككاتب محكمة في محكمة طخا، ثم انتقل إلى محكمة طنطا الشرعية، ثم إلى المحكمة الأهلية، وبقي فيها حتى لقي وجه ربه الكريم. في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. مات مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً. ولد الرافعى بمدينة طرابلس في لبنان على ان الرافعى لم يستمر طويلا في ميدان الشعر فقد انصرف عن الشعر إلى الكتابة النثرية و عندما نتوقف اما ظاهرة انصرافه عن الشعر نجد انه كان على حق في هذا الموقف فرغم ما انجزه في هذا الميدان الادبى من نجاح و رغم انه استطاع ان يلفت الانظار إلا انه في الواقع لم يكن يستطيع ان يتجاوز المكانة التي وصل إليها الشعراء الكبار في عصره و خاصة احمد شوقي و حافظ إبراهيم فقد أعطى هذا الشعران االتعبير عن مشاعر الناس و همومهم في هذا الجيل. و قد تميز شعر حافظ إبراهيم و احمد شوقي بالسهولة و الغزارة مما اتاح لهما القدرة على الانتشار بين القراء حتى لو كان هولاء القراء متوسطين في ثقافتهم فأين يذهب الرافعى في هذه المعركة الكبيرة و شعره لم يكن شعر سهل بل كان شعرا صعبا يحتاج إلى ثقافة ادبية و لغوية عالية لكى يفهمه من يقرأه و لكى يتذوقه بعد ذلك و يستمتع به. و لعل الرافعى هو من اطلق أول صرخة اعتراض على الشعر العربى التقليدى في ادبنا فقد كان يقول : "ان في الشعر العربى قيودا لا تتيح له ان ينظم بالشعر كل ما يريد ان يعبر به عن نفسه" و هذه القيود بالفعل هي الوزن و القافية. كانت وقفة الرافعى ضد قيود الشعر التقليدية اخطر و أول وقفة عرفها الادب العربى في تاريخه الطويل و اهمية هذه الوقفة انها كانت حوالي سنة 1910 أى في اوائل هذا القرن و قبل ظهور معظم الدعوات الادبية الأخرى التي دعت إلى تحرير الشعر العربى جزئيا أو كليا من الوزن و القافية. - الميدان الأول الذى انتقل إليه الرافعى الذى كان مقيدا بالوزن و القافية هو ميدان النثر الشعرى الحر في التعبير عن عواطفه العتيقة التي كانت تملأ قلبه و لا يتعداها إلى تصرفات تخرج به عن حدود الالتزام الاخلاقى و الدينى كما كان يتصوره. - أما الميدان الثانى الذى خرج إليه الرافعى فهو ميدان الدراسات الادبية و أهمها كان كتابه عن "تاريخ اداب اللغة العربية" و هو كتاب بالغ القيمة و لعله كان أول كتاب في موضوعه يظهر في العصر الحديث لانه ظهر في اوائل القرن العشرين وبالتحديد سنة 1911. ثم كتب الرافعى بعد ذلك كتابه المشهور "تحت راية القرآن" و فيه يتحدث عن اعجاز القرآن. و يرد على آراء الدكتور طه حسين في كتابه المعروف بإسم "الشعر الجاهلى". |
أبلغ عن إساءة |
|
7. تعليق بواسطة : محمد - بتــاريخ : 8/12/2009 - 6:21 AM | رد على تعليق محمد |
عنوان التعليق: مصر تكمله |
إنتاجه الأدبي: تاريخ آداب العرب (ثلاثة أجزاء)، صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329هـ،1911م. وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359هـ الموافق لعام 1940م. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية (وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب)، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928م. المساكين، صدرت طبعته الأولى عام 1917م. السحاب الأحمر. حديث القمر. رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما. تحت راية القرآن، مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين. على السفود، وهو رد على عباس محمود العقاد. وحي القلم، (ثلاثة أجزاء) وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937م. أوراق الورد. رسائل الأحزان. ديوان الرافعي (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى عام 1900م. ديوان النظرات (شعر) صدرت طبعته الأولى عام 1908م. |
أبلغ عن إساءة |
|
8. تعليق بواسطة : محمد تكله - بتــاريخ : 8/12/2009 - 6:31 AM | رد على تعليق محمد تكله |
عنوان التعليق: مصر |
أيها المسلمون! -------------------------------------------------------------------------------- نهضت فلسطينُ تَحُلّ العُقْدةَ التي عُقِدت لها بين السيف والمكر والذَّهَب. عُقْدة سياسية خبيثة، فيها لذلك الشعب الحر قتلٌ وتخريبٌ وفقر. عُقدة الحكم الذي يحكم بثلاثة أساليب: الوعد الكذب، والفناء البطيء ، ومطامع اليهود المتوحشة. أيها المسلمون، ليست هذه مِحنة فلسطين، ولكنها محنة الإسلام، يريدون ألا يُثْبِتَ شخصيتَه العزيزةَ الحرة. كل قرش يُدفع الآن لفلسطين، يذهب إلى هناك ليجاهد هو أيضًا. أولئك إخواننا المجاهدون، ومعنى ذلك أن أخلاقنا هي حُلفاؤهم في هذا الجهاد. أولئك إخواننا المنكوبون، ومعنى ذلك أنهم في نكبتهم امتحانٌ لضمائرنا نحن المسلمين جميعًا. أولئك إخواننا المُضطهدون، ومعنى ذلك أن السياسة التي أذلتهم تسألنا نحن: هل عندنا إقرار للذل؟ ماذا تكون نكبة الأخ إلا أن تكون اسمًا آخر لمروءة سائر إخوانه أو مذلتهم؟ أيها المسلمون، كل قرش يُدفع لفلسطين، يذهب إلى هناك ليفرضَ على السياسةِ احترامَ الشعورِ الإسلامي. ابْتَلَوْهُمْ باليهود يحملون في دمائهم حقيقتين ثابتتين: مِن ذُلّ الماضي وتشريد الحاضر، ويحملون في قلوبهم نِقْمتين طاغيتين: إحداهما من ذَهَبِهم، والأُخرى من رذائلهم. ويُخبئون في أدمغتهم فكرتين خبيثتين: أن يكون العربُ أقلية، ثم أن يكونوا بعد ذلك خدمَ اليهود. في أنفسهم الحقد، وفي خيالهم الجنون، وفي عقولهم المكر، وفي أيديهم الذَّهَبُ الذي أصبح لئيمًا؛ لأنه في أيديهم. أيها المسلمون، كل قرش يُدفع لفلسطين، يذهب إلى هناك ليتكلم كلمة تَردّ إلى هؤلاء العقل. ابْتَلَوْهُم باليهود يمرون مرور الدنانير بالربا الفاحش في أيدي الفقراء. كل مائة يهودي ـ على مذهب القوم ـ يجب أن تكون في سنة واحدة مائةً وسبعين.. حساب خبيث يبدأ بشيء من العقل، ولا ينتهي أبدًا وفيه شيءٌ من العقل. والسياسة وراءَ اليهود، واليهود وراءَ خيالهم الديني، وخيالهم الديني هو طَرْد الحقيقة المسلمة. أيها المسلمون، كل قرش يُدفع لفلسطين، يذهب إلى هناك ليُثْبِتَ الحقيقةَ التي يُريدون طردها. يقول اليهود: إنهم شعب مُضطهد في جميع بلاد العالم. ويَزعمون: أن من حقهم أن يعيشوا أحرارًا في فلسطين، كأنها ليست من جميع بلاد العالم.. وقد صنعوا للإنجليز أسطولاً عظيمًا لا يَسبح في البحار، ولكن في الخزائن.. وأراد الإنجليز أن يطمئنوا في فلسطين إلى شعب لم يتعود قَطّ أن يقول: أنا. ولكن لماذا كَنَسَتْكُمْ كلُّ أمة من أرضها بمِكنسة أيها اليهود؟ أجهلتم الإسلام؟ الإسلام قوة كتلك التي تُوجد الأنيابَ والمخالبَ في كل أسد. قوة تُخرج سلاحها بنفسها؛ لأن مخلوقها عزيز لم يوجد ليُؤْكَل، ولم يُخلق ليُذل. قوة تجعل الصوت نفسه حين يزمجر، كأنه يعلن الأسديةَ العزيزة إلى الجهات الأربع. قوة وراءها قلب مشتعل كالبركان، تتحول فيه كل قطرة دم إلى شرارة دم. ولئن كانت الحوافر تهيئ مخلوقاتهم ليركبها الراكب، إن المخالب والأنياب تهيئ مخلوقاتها لمعنى آخر. لو سئلت ما الإسلام في معناه الاجتماعي؟ لسألتكَ كم عددُ المسلمين؟ فإن قيل: ثلاثمائة مليون ( هذا أيام الرافعي). قلت: فالإسلام هو الفكرة التي يجب أن يكون لها ثلاثمائة مليون قوة. أيجوع إخوانكم أيها المسلمون وتشبعون؟ إن هذا الشبع ذنب يُعاقِب اللهُ عليه. والغِنَى اليومَ في الأغنياء الممسكين عن إخوانهم، هو وصفُ الأغنياء باللؤم لا بالغنى. كل ما يَبذله المسلمون لفلسطين، يدل دلالات كثيرة، أقلها سياسة المقاومة. كان أسلافكم أيها المسلمون، يفتحون الممالك، فافتحوا انتم أيديكم.. كانوا يَرمون بأنفسهم في سبيل الله غير مكترثين، فارموا أنتم في سبيل الحق بالدنانير والدراهم. لماذا كانت القبلة في الإسلام إلا لتعتادَ الوجوهُ كلها أن تتحول إلى الجهة الواحدة؟ لماذا ارتفعت المآذن إلا ليعتادَ المسلمون رَفْعَ الصوتِ في الحق؟ أيها المسلمون، كونوا هناك. كونوا هناك مع إخوانكم بمعنًى من المعاني. لو صام العالم الإسلامي كله يومًا واحدًا وبذل نفقات هذا اليوم الواحد لفلسطين،لأغناهم. لو صام المسلمون كلُّهم يومًا واحدًا لإعانة فلسطين، لقالَ اليهودُ اليومَ ما قاله آباؤهم من قبل: "إن فيها قومًا جبارين…" أيها المسلمون، هذا مَوْطِنٌ يزيد فيه معنى المال المبذول فيكون شيئًا سماويًّا. كل قرش يبذله المسلمُ لفلسطين، يتكلم يومَ الحساب يقول: يا رب، أنا إيمانُ فلان |
أبلغ عن إساءة |
|
9. تعليق بواسطة : محمد حمدان - بتــاريخ : 8/12/2009 - 6:34 AM | رد على تعليق محمد حمدان |
عنوان التعليق: مصر |
هل يحق لك يااستاذ محمد بعد ما علمت قوة الرجل هل تترك اعمله وتختزله |
أبلغ عن إساءة |
|
10. تعليق بواسطة : محمد شحاتة - بتــاريخ : 8/12/2009 - 12:40 PM | رد على تعليق محمد شحاتة |
عنوان التعليق: رد على التعليق الأول للأستاذ/ محمد حمدان |
سا سلام يا أستاذ/ محمد حمدان .. والله لم أكن أتوقع في أفضل افتراضاتي أن تنهال توضيحاتك عن العملاق الرافعي .. وارجو ان تسامحني .. فأنا لم أكن أعرض له بل اقتصرت على كتابة تعليقاتي وانطباعاتي على قراءت لكتابي السحاب الأحمر والمساكين كتعليقات على الهوامش جمعتها في ورقتين ووقعت عيني عليهما وراقت لي فنشرتها كدليل على أن من يغوص في مسك الرافعي فإنه حتما سيتضوع بعبيره .. ولكن طالما ألزمتني الحجة .. فإنني سوف امتب عن الرافعي بما يرفع عني التقصير في حقه .. فانتظرني .. شكرا لك |
أبلغ عن إساءة |
|
11. تعليق بواسطة : محمد تكمله - بتــاريخ : 8/12/2009 - 1:51 PM | رد على تعليق محمد تكمله |
عنوان التعليق: مصر |
مصطفى صادق الرافعيمصطفى صادق الرافعي (أوائل محرم 1291 هـ/يناير 1880 - مايو 1937) أديب العربية الأكبر. مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن عبد القادر الرافعي وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وفد جده الشيخ عبد القادر من الشام إلى مصر في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وعلى يده تخرج كبار علماء مصر. وقد وفد من آل الرافعي إلى مصر طائفة كبيرة اشتغلوا في القضاء على مذهب الإمام الأكبر أبي حنيفة النعمان حتى آل الأمر أن اجتمع منهم في وقت واحدٍ أربعون قاضياً في مختلف المحاكم المصرية؛ وأوشكت وظائف القضاء أن تكون حِكراً عليهم، وقد تنبه اللورد كرومر لذلك وأثبتها في بعض تقارير إلى وزارة الخارجية البريطانية. أبصرت عيناه النور في قرية بهتيم، محافظة القليوبية بمصر، في أوائل المحرم 1291 هـ/يناير 1880 م. عمل والده عبد الرازق رئيساً للمحاكم الإسلامية الشرعية في كثير من الأقاليم، حتى عمل رئيساً لمحكمة طنطا الشرعية. عرف عنه الشدة في الحق، والورع الصادق، والعلم الغزير. أمه هي ابنة الشيخ الطوخي من أصول حلبية، وكان والدها تاجراً تسير قوافله ما بين الشام ومصر، وأقام في قرية بهتيم. عج منزل والده بالعلماء من كل حدب وصوب، وزخرت مكتبة والده بنفائس الكتب، وأتم حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة من عمره. انتسب إلى مدرسة دمنهور الابتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة المنصورة الأميرية، التي حصل منها على الشهادة الابتدائية وعمره آنذاك سبع عشرة سنة. أصابه مرض لم يتركه حتى أضعف سمعه وفي سن الثلاثين أضحى أصماً تماماً. اضطره المرض إلى ترك التعليم الرسمي، واستعاض عنه بمكتبة أبيه الزاخرة، إذ عكف عليها حتى استوعبها وأحاط بما فيها. عمل في عام 1899 ككاتب محكمة في محكمة طخا، ثم انتقل إلى محكمة طنطا الشرعية، ثم إلى المحكمة الأهلية، وبقي فيها حتى لقي وجه ربه الكريم. في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. مات مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً. نظم الرافعي الشعر في بدايات شبابه، قبل بلوغه العشرين من عمره، وأصدر ديوانه الأول في عام 1903 الذي كان له صدى عظيماً بين كبار شعراء مصر، إذ كتب فيه البارودي والكاظمي وحافظ ابراهيم شعراً، كما أرسل له الشيخ محمد عبده وزعيم مصر مصطفى كامل له مهنئين وبمستقبل باهر متنبئين. تزوج الرافعي في عام 1904 من ابنة عائلة البرقوقي من مدينة المنصورة، وعاش حياة زوجية نموذجية. رحل في عام 1912 إلى لبنان، حيث ألف كتابه حديث القمر، وصف فيه مشاعر الشباب وعواطفهم وخواطر العشاق في أسلوب رمزي على ضرب من النثر الشعري البارع. بعد وقوع الحرب العالمية الأولى، ونزوع المستعمر إلى تحويل كل خيرات البلاد لهذه الحرب، ما ترك أهلها ضحايا للجوع والفقر، ما جعل أرقام هؤلاء تزيد عن ضحايا الحرب ذاتها. نظر الرافعي حوله فرأى بؤساً متعدد الألوان، مختلف الصور والأشكال، فانعكس ذلك كله في كتابه كتاب المساكين. في عام 1924 أخرج كتاب رسائل الأحزان، عن خواطر في الحب، ثم أتبعه بكتاب السحاب الأحمر والذي تحدث فيه عن فلسفة البغض وطيش الحب. تلى ذلك كتابه أوراق الورد أسمعنا فيه حنين العاشق المهجور، ومنية المتمني وذكريات السالي، وفن الأديب وشعر الشاعر. وجد الرافعي دعوة التجديد قناعاً للنيل من اللغة العربية مصورة في أرفع أساليبها (الشعر الجاهلي) وباباً يقصد منه الطعن في القرآن الكريم والتشكيك في إعجازه، ومدخلاً يلتمس فيه الزراية بالأمة منذ كان للعرب شعراً وبياناً. لذا ما أنفتأ يقاوم هذه الدعوة، جهاداً تحت راية القران، يبتغي به وجه الله تعالى، فجمع في كتابه تحت راية القرآن كل ما كتب عن المعارك التي دارت بين القديم وكل ما هو جديد، ما جعله أفضل الكتب العربية في النقد ومكافحة الرأي بالرأي، ما جعله أعلى كتبه مكانة بعد رائعته وحي القلم. في عام 1934 بدأ الرافعي يكتب كل أسبوع مقالة أو قصة، ليتم نشرها أسبوعياً في مجلة الرسالة، والتي أجمع الأدباء والنقاد على أن ما نشرته الرسالة لهو أبدع ما كتب في الأدب العربي الحديث والقديم، جمع أكثرها في كتاب وحي القلم. فهرست [إخفاء] 1 نتاجه الأدبي والفكري 1.1 (1) دواوينه الشعرية 1.2 (2) كتبه النثرية 2 الرافعي ومعاركه الأدبية 2.1 خصومته مع طه حسين 2.2 خصومته مع العقاد 3 وفاته 4 نماذج من أعماله 4.1 أيها المسلمون! 4.2 عروس تزف إلى قبرها 5 المصادر [تحرير] نتاجه الأدبي والفكري استطاع الرافعي خلال فترة حياته الأدبية التي تربو على خمسٍ وثلاثين سنة إنتاج مجموعة كبيرة ومهمة من الدواوين والكتب أصبحت علامات مميزة في تاريخ الأدب العربي. [تحرير] (1) دواوينه الشعرية كان الرافعي شاعراً مطبوعاً بدأ قرض الشعر وهو في العشرين، وطبع الجزء الأول من ديوانه في عام 1903 وهو بعد لم يتجاوز الثالثة والعشرين، وقد قدّم له بمقدمة بارعة فصّل فيها معنى الشعر وفنونه ومذاهبه وأوليته. وتألق نجم الرافعي الشاعر بعد الجزء الأول واستطاع بغير عناء أن يلفت نظر أدباء عصره، واستمر على دأبه فأصدر الجزأين الثاني والثالث من ديوانه. وبعد فترة أصدر ديوان النظرات، ولقي الرافعي حفاوة بالغة من علماء العربية وأدبائها قلّ نظيرها، حتى كتب إليه الإمام محمد عبده قائلاً: " أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان في الأوائل ". [تحرير] (2) كتبه النثرية قلّ اهتمام الرافعي بالشعر عما كان في مبتدئه؛ وذلك لأن القوالب الشعرية تضيق عن شعوره الذي يعبر عن خلجات نفسه وخطرات قلبه ووحي وجدانه ووثبات فكره، فنزع إلى النثر محاولاً إعادة الجملة القرآنية إلى مكانها مما يكتب الكتاب والنشء والأدباء، أيقن أن عليه رسالة يؤديها إلى أدباء جيله، وأن له غاية هو عليها أقدر، فجعل هدفه الذي يسعى إليه أن يكون لهذا الدين حارساً يدفع عنه أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وينفخ في هذه اللغة روحاً من روحه، يردّها إلى مكانها ويرد عنها فلا يجترئ عليها مجترئ، ولا ينال منها نائل، ولا يتندر بها ساخر إلا انبرى له يبدد أوهامه ويكشف دخيلته. فكتب مجموعة من الكتب تعبر عن هذه الأغراض عُدت من عيون الأدب في مطلع هذا القرن. وأهمها: 1. تحت راية القرآن: المعركة بين القديم والجديد: وهو كتاب وقفه –كما يقول- على تبيان غلطات المجددين الذي يريدون بأغراضهم وأهوائهم أن يبتلوا الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم، وهو في الأصل مجموعة مقالات كان ينشرها في الصحف في أعقاب خلافه مع طه حسين الذي احتل رده على كتاب " في الشعر الجاهلي " معظم صفحات الكتاب. 2. وحي القلم: وهو مجموعة من مقالاته النقدية والإنشائية المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة والقصص والتاريخ الإسلامي المتناثرة في العديد من المجلات المصرية المشهورة في مطلع القرن الماضي مثل: الرسالة، والمؤيد والبلاغ والمقتطف والسياسة وغيرها. 3. تاريخ الأدب العربي: وهو كتاب في ثلاثة أجزاء، الأول: في أبواب الأدب والرواية والرواة والشواهد الشعرية، والثاني: في إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وأما الثالث: فقد انتقل الرافعي إلى رحمة ربه قبل أن يرى النور؛ فتولى تلميذه محمد سعيد العريان إخراجه؛ غير أنه ناقص عن المنهج الذي خطه الرافعي له في مقدمة الجزء الأول. انقطع لتأليف كتاب تاريخ آداب العرب من منتصف عام 1909 إلى نهاية عام 1910 ليدخل به مسابقة الجامعة المصرية في تاريخ الأدب العربي، ثم طبعه على حسابه الخاص في عام 1911، وفي عام 1912 أصدر جزءه الثاني وعنونه إعجاز القرآن والبلاغة النبوية. إصداره للجزء الثاني جعل الناس يعرفون ويتذوقون قدرة الرافعي على البلاغة وفنونها، وكتب له زعيم الأمة سعد زغلول مهنئاً إياه، ومعترفاً له بعلمه الغزير وأسلوبه منقطع النظير. آل الرافعي بعدها على نفسه أن يكون حارس الدين الإسلامي وحاميه، والمدافع عنه ضد أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وانبرى يهاجم كل من تطاول على الدين الإسلامي واللغة العربية، وكل من اجترأ وسخر ونال منهما. 4. حديث القمر: هو ثاني كتبه النثرية وقد أنشأه بعد عودته من رحلة إلى لبنان عام 1912؛ عرف فيها شاعرة من شاعرات لبنان ( مي زيادة ) ، وكان بين قلبيهما حديث طويل، فلما عاد من رحلته أراد أن يقول فكان " حديث القمر ". 5. كتاب المساكين: وهو كتاب قدّم له بمقدمة بليغة في معنى الفقر والإحسان والتعاطف الإنساني، وهو فصول شتى ليس له وحدة تربطها سوى أنها صور من الآلام الإنسانية الكثيرة الألوان المتعددة الظلال. وقد أسند الكلام فيه إلى الشيخ علي الذي يصفه الرافعي بأنه: " الجبل الباذخ الأشم في هذه الإنسانية التي يتخبطها الفقر بأذاه "، وقد لقي هذا الكتاب احتفالاً كبيراً من أهل الأدب حتى قال عنه أحمد زكي باشاً: " لقد جعلت لنا شكسبير كما للإنجليز شكسبير وهيجو كما للفرنسيين هيجو وجوته كما للألمان جوته ". 6. رسائل الأحزان: من روائع الرافعي الثلاثة؛ التي هي نفحات الحب التي تملكت قلبه وإشراقات روحه، وقد كانت لوعة القطيعة ومرارتها أوحت إليه برسائل الأحزان التي يقول فيها " هي رسائل الأحزان لا لأنها من الحزن جاءت؛ ولكن لأنها إلى الأحزان انتهت؛ ثم لأنها من لسان كان سلماً يترجم عن قلب كان حرباً؛ ثم لأن هذا التاريخ الغزلي كان ينبع كالحياة وكان كالحياة ماضياً إلى قبر ". 7ـ. السحاب الأحمر: وقد جاء بعد رسائل الأحزان، وهو يتمحور حول فلسفة البغض، وطيش القلب، ولؤم المرأة. 8. أوراق الورد رسائله ورسائلها: وهو طائفة من خواطر النفس المنثورة في فلسفة الحب والجمال، أنشأه الرافعي ليصف حالةً من حالاته ويثبت تاريخاً من تاريخه، كانت رسائل يناجي بها محبوبته في خلوته، ويتحدث بها إلى نفسه أو يبعث بها إلى خيالها في غفوة المنى، ويترسل بها إلى طيفها في جلوة الأحلام. 9. على السَّفُّود: وهو كتاب لم يكتب عليه اسم الرافعي وإنما رمز إليه بعبارة إمام من أئمة الأدب العربي؛ وهو عبارة عن مجموعة مقالات في نقد بعض نتاج العقاد الأدبي. [تحرير] الرافعي ومعاركه الأدبية كان الرافعي ناقداً أدبياً عنيفاً حديد اللسان والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، وكانت فيه غيرة واعتداد بالنفس، وكان فيه حرص على اللغة كما يقول: " من جهة الحرص على الدين إذ لا يزال منهما شيء قائم كالأساس والبناء لا منفعة بأحدهما إلا بقيامهما معاً ". وكان يهاجم خصومه على طريقة عنترة، يضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع، فكانت له خصومات عديدة مع شخصيات عنيدة وأسماء نجوم في الأدب والفكر والثقافة في مطلع القرن، فكانت بينه وبين المنفلوطي خصومة ابتدأها هذا الأخير بسبب رأي الرافعي في شعراء العصر. وكانت له صولات مع الجامعة المصرية حول طريقة تدريس الأدب العربي، وجولات أخرى مع عبد الله عفيفي وزكي مبارك. على أن أكثر معاركه شهرةً وحدة هو ما كان بينه وبين طه حسين، وبينه وبين العقاد، بل لعلها أشهر وأقسى ما في العربية من معارك الأدب. [تحرير] خصومته مع طه حسين كانت هذه الخصومة بسبب كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي " الذي ضمّنه رأيه في أن جُلّ الشعر الجاهلي منحول، وهي مقولة خطيرة تنبه لها الرافعي؛ فحمل عليه حملة شعواء في الصحافة المصرية واستعدى عليه الحكومة والقانون وعلماء الدين، وطلب منهم أن يأخذوا على يده وأن يمنعوه من أن تشيع بدعته بين طلاب الجامعة، وترادفت مقالاته عاصفة مهتاجة تفور بالغيظ والحميّة الدينية والعصبيّة للإسلام والعرب، كأن فيها معنى من معاني الدم، حتى كادت هذه الحملة تذهب بـ " طه " وشيعته؛ إذ وقف معقود اللسان والقلم أمام قوة قلم الرافعي وحجته البالغة، وقد أسرّ " طه " هذا الموقف للرافعي، فما سنحت له سانحة ينال بها من الرافعي إلا استغلها كي يرد له الصاع صاعين. غير أن الرافعي كان يقارعه حجة بحجة ونقداً بنقد حتى توفي رحمه الله. [تحرير] خصومته مع العقاد وكان السبب فيها كتاب الرافعي " إعجاز القرآن والبلاغة القرآنية " إذ كان العقاد يرى رأياً مخالفاً لما يرى الرافعي، وقد نشبت بينهما لذلك خصومة شديدة تجاوزت ميدانها الذي بدأت فيه، ومحورها الذي كانت تدور عليه إلى ميادين أخرى؛ جعلت كلا الأديبين الكبيرين ينسى مكانه، ويغفل أدبه ليلغو في عرض صاحبه، ويأكل لحمه من غير أن يرى ذلك مَعابة عليه، وكان البادئ الرافعي في مقالاته " على السفود " التي جمعها له في كتاب صديقه إسماعيل مظهر، وتوقفت المعركة بينهما فترة وجيزة ما لبثت أن اشتعل أوارها مرة أخرى عندما نشر العقاد ديوانه " وحي الأربعين " فكتب الرافعي نقداً لديوانه، تلقفه العقاد بالسخرية والتهكم والشتم والسباب، ولم تزل بينهما الخصومات الأدبية حتى توفي الرافعي رحمه الله. |
أبلغ عن إساءة |
|
12. تعليق بواسطة : محمد - بتــاريخ : 8/12/2009 - 2:43 PM | رد على تعليق محمد |
عنوان التعليق: مصر |
عَرُوسٌ تُزفُّ إلى قبرِها -------------------------------------------------------------------------------- كان عمرُها طاقةَ أزهارٍ تُسمى أيامًا. كان عمرُها طاقةَ أزهارٍ يَنْتَسِق فيه اليومُ بعدَ اليوم، كما تَنْبُتُ الورقةُ الناعمة في الزهرة إلى ورقة ناعمة مِثلِها. أيام الصِّبا المرحة حتى في أحزانها وهمومها؛ إذ كان مجيئها من الزمن الذي خُصّ بشباب القلب، تبدو الأشياء في مجاري أحكامها كالمسحورة؛ فإن كانت مفرحة جاءت حاملة فَرَحَيْن، وإن كانت محزنة جاءت بنصف الحزن. تلك الأيام التي تعمل فيها الطبيعة لشباب الجسم بقوى مختلفة: منها الشمس والهواء والحركة، ومنها الفرح والنسيان والأحلام! وشبت العذراء وأفرغت في قالب الأنوثة الشمسي القمري، واكتسى وجهها ديباجة من الزهر الغض، وأودعتها الطبيعة سرها النسائي الذي يجعل العذراء فن جمالها لأنها فن حياة، وجعلتها تمثالاً للظرف: وما أعجب سحر الطبيعة عندما تجمل العذراء بظرف كظرف الأطفال الذين ستلدهم من بعد! وأسبغت عليها معاني الرقة والحنان وجمال النفس، وما أكرم يدَ الطبيعة عندما تَمْهُر العذراء من هذه الصفات مهرها الإنساني! وخُطبت العذراء لزوجها، وعُقد له عليها في اليوم الثالث من شهر مارس في الساعة الخامسة بعد الظهر. وماتت عذراء بعد ثلاث سنين، أُنزلت إلى قبرها في اليوم الثالث من شهر مارس في الساعة الخامسة بعد الظهر! وكانت السنوات الثلاث عمر قلب يقطعه المرض، ينتظرون به العرس، وينتظر بنفسه الرَّمْس(1). يا عجائب القدر! أذاك لحن موسيقي لأنين استمر ثلاث سنوات، فجاء آخره موزونًا بأوله في ضبط ودقة؟ أكانت تلك العذراء تحمل سرًّا عظيمًا سيغير الدنيا، فردت الدنيا عليها يوم التهنئة والابتسام والزينة، فإذا هو يوم الولولة والدموع والكفن؟ واهًا لك أيها الزمن! من الذي يفهمك وأنت مدة أقدار؟ واليوم الواحد على الدنيا هو أيام مختلفة بعدد أهل الدنيا جميعًا، وبهذا يعود لكل مخلوق سر يومه، كما أن لكل مخلوق سر روحه، وليس إليه لا هذا ولا هذا. وفي اليوم الزمني الواحد أربعمائة مليون يوم إنساني على الأرض! ومع ذلك يُحْصِيه عقلُ الإنسان أربعًا وعشرين ساعة؛ يا لَلْغباوة..! وكل إنسان لا يتعلق من الحياة إلا بالشعاع يُضيء المكان المظلم في قلبه، والشمس بما طلعت عليه لا تستطيع أن تنير القلب الذي لا يُضيئه إلا وجهُ محبوب. وفي الحياة أشياء مكذوبة تُكَبِّر الدنيا وتُصَغِّر النفسَ، وفي الحياة أشياءُ حقيقية تُعَظِّم بالنفس وتصغر بالدنيا؛ وذَهَبُ الأرض كله فقر مُدْقَع حين تكون المعاملة مع القلب. أيتها الدنيا؛ هذا تحقيرك الإلهي إذا أكبرك الإنسان! ويا عجبًا لأهل السوء المُغْتَرِّين بحياة لا بد أن تنتهي! فماذا يرتقبون إلا أن تنتهي؟ حياة عجيبة غامضة؛ وهل أَعْجَبُ وأَغْمَضُ من أن يكون انتهاء الإنسان إلى آخرها هو أول فكرة في حقيقتها؟ فعندما تحين الدقائقُ المعدودة التي لا تَرْقُبُها الساعةُ ولكن يَرْقُبُها صدرُ المُحْتَضَر.. عند ما يكون مُلْك الملوك جميعًا كالتراب لا يَشتري شيئًا ألبتة.. ماذا يكون أيها المجرم بعدما تقترف الجناية، ويقوم عليك الدليل، وترى حولك الجند والقضاة، وتقف أمامك الشريعة والعدل؟ أعمالنا في الحياة هي وحدها الحياة، لا أعمارنا، ولا حظوظنا. ولا قيمة للمال، أو الجاه، أو العافية، أو هي معًا – إذا سُلب صاحبها الأمن والقرار! والآمِن في الدنيا مَن لم تكن وراءَه جريمةٌ لا تزال تجري وراءَه. والسعيدُ في الآخرة من لم تكن له جريمةٌ تطارده وهو في السماوات. كيف يمكن أن تخدع الآلة صاحبَها وفيها (العَدَّاد) : ما تتحرك من حركة إلا أشعرته فَعَدَّها؟ وكيف يمكن أن يكذب الإنسانُ ربَّه وفيه القلب: ما يعمل من عمل إلا أشعره فعدَّه؟ ورأيت العروس قبل موتها بأيام أفرأيتَ أنت الغِنى عندما يُدبر عن إنسان ليتركَ له الحسرة والذكرى الأليمة؟ أرأيت الحقائق الجميلة تذهب عن أهلها فلا تترك لهم إلا الأحلام بها؟ ما أتعبَ الإنسانَ حين تتحول الحياة عن جسمه إلى الإقامة في فكره! وما هي الهموم والأمراض؟ هي القبر يستبطئ صاحبه أحيانًا؛ فينفض في بعض أيامه شيئًا من ترابه…! رأيتُ العروس قبل موتها بأيام، فَيَالَلَّهِ من أسرار الموت ورهبته! فرغ جسمها كما فرغت عندها الأشياء من معانيها! وتخلى هذا الجسم عن مكانه للروح تظهر لأهلها وتقف بينهم وقِفة الوداع! وتحول الزمن إلى فكر المريضة؛ فلم تعد تعيش في نهار وليل، بل في فكر مضيء أو فكر مظلم! يا إلهي! ما هذا الجسم المتهدم المقبل على الآخرة؛ أهو تمثال بطل تعبيره أم تمثال بدأ تعبيره؟ لقد وثقت أنه الموت، فكان فكرها الإلهي هو الذي يتكلم؛ وكان وجهها كوجه العابد: عليه طيف الصلاة ونورها. والروح الإنسانية متى عبرت لا تعبر إلا بالوجه. ولها ابتسامة غريبة الجمال؛ إذ هي ابتسامة آلام أيقنت أنها موشكة أن تنتهي! ابتسامة روح لها مثل فرح السجين قد رأى سَجَّانه واقفًا في يده الساعة يرقب الدقيقة والثانية ليقول له: انطلق! ودخلتُ أعُودُها فرأت كأنني آتٍ من الدنيا…! وتنسمت مني هواء الحياة. كأنني حديقة لا شخص! ومَن غير المريض الْمُدْنَف، يعرف أن الدنيا كلمة ليس لها معنى أبدًا إلا العافية؟ مَن غير المريض المُشفي على الموت، يعيش بقلوب الناس الذين حوله لا بقلبه؟ تلك حالة لا تنفع فيها الشمس ولا الهواء ولا الطبيعة الجميلة، ويقوم مقام جميعها للمريض أهلها وأحباؤه! وكان ذووها من رهبة القدر الداني كأنهم أسرى حرب أُجلسوا تحت جدار يريد أن ينقض! وكانت قلوبهم من فزعها تنبض نبضًا مثل ضربات المعاول. وباقتراب الحبيب المحتضر من المجهول، يصبح من يحبه في مجهول آخر، فتختلط عليه الحياة بالموت، ويعود في مثل حيرة المجنون حين يمسك بيده الظل المتحرك ليمنعه أن يذهب! وتعروه في ساعة واحدة كآبة عمر كامل، تهيئ له جلال الحس الذي يشهد به جلال الموت! وحانت ساعة ما لا يفهم، ساعة كل شيء، وهي ساعة اللاشيء في العقل الإنساني! فالتفتت العروس لأبيها تقول: "لا تحزن يا أبي…" ولأمها تقول: "لا تحزني يا أمي…!" وتبسمت للدموع كأنما تحاول أن تكلمها هي أيضًا؛ تقول لها: "لا تبكي…!" وأشفقت على أحيائها وهي تموت، فاستجمعت روحها ليبقى وجهها حيًّا من أجلهم بضع دقائق! وقالت: "سأغادركم مبتسمة فعيشوا مبتسمين، سأترك تذكارًا بينكم تذكار عروس!…". ثم ذكرت الله وذكرتهم به، وقالت: "أشهد أن لا إله إلا الله" وكررتها عشرًا! وتملأت روحها بالكلمة التي فيها نور السماوات والأرض، ونطقت من حقيقة قلبها بالاسم الأعظم الذي يجعل النفس منيرة تتلألأ حتى وهي في أحزانها. ثم استقبلت خالق الرحمة في الآباء والأمهات! وفي مثل إشارة وداع من مسافر انبعث به القطار، ألقت إليهم تحية من ابتسامتها وأسلمت الروح! يالَعجائب القدر! مَشينًا في جنازة العروس التي تُزف إلى قبرها طاهرة كالطفلة ولم يبارك لها أحد! فما جاوزنا الدار إلا قليلاً حتى أبصرت على حائط في الطريق إعلانًا قديمًا بالخط الكبير الذي يصيح للأعين؛ إعلانًا قديمًا عن (رواية) هذا هو اسمها: "مبروك…!". واخترقنا المدينة وأنا أنظر وأتقصى، فلم أرَ هذا الإعلان مرة أخرى! واخترقنا المدينة كلها، فلما انقطع العمران وأشرفنا على المقبرة، إذا آخر |
أبلغ عن إساءة |
|
13. تعليق بواسطة : محمد حمدان - بتــاريخ : 8/12/2009 - 2:54 PM | رد على تعليق محمد حمدان |
عنوان التعليق: مصر |
يا استاذمحمد عندم تريد ان تتكلم عن القمني جمعت له واعطيته حجم اكبر من حجمه وعندم تريد ان تتكلم عن الرافعي تكلمت عنه في كتاب وجدته قدرا ممكن ان يكون من بقايا كتب استاذك االاستاذ ياسر الاديب تركها قبل ان يسافر فكان الاجدر بك ان تجمع اعمال هذا الاديب العظيم قبل ان تتكلم عنه بهذه الكلمت التى اختزلته بها وهذا اقل تقدير نقدمه الى مفكرا الرافعي لك الف تحيه |
أبلغ عن إساءة |
|
14. تعليق بواسطة : أبو كريم المصري - بتــاريخ : 8/13/2009 - 6:32 AM | رد على تعليق أبو كريم المصري |
عنوان التعليق: ما أحلى الرجوع إليكَ |
يا سلام سلّم... على السلطنة... أيوة كدة سيبك من القمني والقصص الحامضة بتاعته، وارجع إلى الرواد وذكرنا بها، وعد إلى أوراقك القديمة التي هي أحلى من الجديد وألذ، واسبح مع الجمال المتزن ، واسرح مع نسمات الحب والخير والجمال... وذكرنا بالرافعي القائل: (من للمحب ومن يعينه// والحب أهنؤه حزينة)- (أنا ما عرفت سوى قساوته // فقولوا كيف لينه) - (إن يقض دين ذوي الهوى// فأنا الذي بقيت ديونه) - (قلبي يحب وإنما // أخلاقه فيه ودينه)... |
أبلغ عن إساءة |
|
15. تعليق بواسطة : زين الدين الكعبي - بتــاريخ : 8/13/2009 - 5:06 PM | رد على تعليق زين الدين الكعبي |
عنوان التعليق: رد |
تحياتي سيدي .... نعم والله انه الزمن الجميل ... الله يخرب بيت الستلايت .... شكرا على هذا الموضوع الجميل ... بالمناسبة كتبت ردا على القمني اسميته (( أبداع القمني المزعوم )) ياريت تنقده سلبا او ايجابا لأعرف اين اخطأت واين اصبت ... تحياتي سيدي |
أبلغ عن إساءة |
|
16. تعليق بواسطة : محمد شحاتة - بتــاريخ : 8/14/2009 - 6:34 PM | رد على تعليق محمد شحاتة |
عنوان التعليق: رد على تعقيب السيد/ محمد حمدان |
أعترف ان هذا اليوم هو يومك.. وأنك قدمت للرافعي العظيم بأفضل مما لو كنت تعرضت أنا له بشيء .. والرافعي يستحق هذا وأكثر .. وأعدك أن أعاود التفرغ له حينا من الوقت إن شاء الله لنتنسم عطرا طيباً يبعدنا عن ذلك الدخان الكثيف الذي ملأ صدورنا من الفكر السقيم والأدب الهابط.. شكرا لك يا سيد محمد .. وعلى فكرة عندي 90% من ا‘مال الرافعي ولي كتابا واحدا فقط .. |
أبلغ عن إساءة |
|
17. تعليق بواسطة : محمد شحاتة - بتــاريخ : 8/14/2009 - 6:41 PM | رد على تعليق محمد شحاتة |
عنوان التعليق: رد على تعليق أبوكريم المصري |
من للمحب ومن يُعينه... والحب أهنؤه حزينة--- أنا ما عرفتُ سوى قساوته .. فقولوا كيف لينه --- إن يُقض دَين ذوي الهوى.. فأنا الذي بقيت ديونه --- قلبي يحب وإنما .. أخلاقه فيه ودينه---... الله الله الله يا أبا كريم .. جررنا وراءك أو سقتنا أمامك نحو الروابي الخضر .. ونحو جمال الشعر .. الرافعي .. اسم على مسمى .. اتمنى أن تتحفنا بالقصيدة كاملة لنتعرف ويتعرف معنا القراء الأعزاء على عيون الشعر العربي .. وليضربوا المقارنة بينه وبين هذا الغثاء الذي أوجعوا رأسنا به بكلمات تخاصم بعضها وتباغض نفسها وتتناكر لوزنها ولمعانيها وتصيب القلب بغصة لا يبرأ منها إلا ببعض دواء من عينة الرافعي وغيره من الأدباء والشعراء العرب.. شكرا لك أيها المرهف الحس.. |
أبلغ عن إساءة |
|
18. تعليق بواسطة : محمد شحاتة - بتــاريخ : 8/14/2009 - 6:43 PM | رد على تعليق محمد شحاتة |
عنوان التعليق: رد على تعليق زين الدين الكعبي |
أهلاً زين .. عذرا فقد تأخرت عليك .. أتمنى أن تصيب شيئا من كتب مصطفى صادق الرافعي .. أو على الأقل أن تطالع ما أفاض به علينا السيد / محمد حمدان من لمسات الرافعي وبعض أعماله .. فهذا سيفيدك يقينا .. شكرا لك يا زين |
أبلغ عن إساءة |
|
19. تعليق بواسطة : مسعد السياك - بتــاريخ : 8/15/2009 - 1:28 PM | رد على تعليق مسعد السياك |
عنوان التعليق: ابو حماد |
انا احب اضيف تعليق مهم جدا مايطلعش من كوع اى حد يكتب زيه بس فى موضوع تانى معلش خاص بكتاب " الفونية فى البوتاجاز" للاخ عبد الرحمن والخشبة عند النجار واللحمة عند الجزار وبكره نكمل لانى رايح عندون تانى |
أبلغ عن إساءة |
|
20. تعليق بواسطة : محمد شحاتة - بتــاريخ : 8/16/2009 - 8:39 PM | رد على تعليق محمد شحاتة |
عنوان التعليق: رد على /مسعد السباك! |
شكرا |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق