كتبهـا : محمد شحاتة - بتــاريخ : 6/26/2009 7:00:56 PM, التعليقــات : 14 |
عند باب زويلة توقف ركب السلطان الأسير طومان باي.. كان في حراسة 400 جندي من الانكشارية.. وكان مكبلا فوق فرسه.. وكان الناس في القاهرة قد خرجوا ليلقوا نظرة الوداع على سلطان مصر..وتطلع طومان باي إلى (قبو البوابة) فرأى حبلا يتدلى, فأدرك أن نهايته قد حانت.. فترجل.. وتقدم نحو الباب بخطى ثابتة.. ثم توقف.. وتلفت إلى الناس الذين احتشدوا من حول باب زويلة.. وتطلع اليهم طويلاً.. وطلب من الجميع أن يقرأوا له الفاتحة ثلاث مرات.. ثم التفت إلى الجلاد, وطلب منه أن يقوم بمهمته... وقد سبق أن لقي السلطان قنصوة الغوري (عم السلطان طومان باي ) مصرعه على يد العثمانيين في معركة مرج دابق .. وقد علق بذاكرتنا اسم قنصوة الغوري منذ كنا تلاميذ صغار ندرس تاريخ العصر المملوكي ... مرت قرابة الخمسمائة عام ثم عاد اسم "قنصوة" يقتحم ذاكرتنا من جديد... ليس في صورة سلطان مملوكي هذه المرة... ولكن في صورة قاضي مصري " المحمدي قنصوة" ليكون هو الحاكم على أحد رموز هذا العصر بالشنق ليس على باب زويلة ولكن على باب الخلق القريب منه!!! وما بين البابين "باب زويلة" و"باب الخلق" ... وما بين العصرين "العصر المملوكي" و" العصر الملوكي" فقد جرت في مصر أنهار كثيرة .. فإن كان السلطان طومان باي قد جاء إلى باب زويلة لحظة إعدامه في حراسة 400جندي من الانكشارية يحملون أسلحتهم البدائية .. فإن هشام طلعت قد جاء إلى باب الخلق في لحظة النطق عليه بالإعدام في حراسة ما يقرب من الثلاثة آلاف عنصر ما بين جندي وضابط ولواء يرأسهم حكمدار العاصمة مدير أمن القاهرة ومساعد وزير الداخلية بشخصه .. وإن كان طومان باي مشنوق باب زويلة جاءه أهل القاهرة مترجلين ليلقوا على سلطانهم " المملوكي" الذين تفانى في الذود عن البلاد وخاض حرباً مقدسة ضد الاحتلال الأجنبي رغم ضعف الزاد والعتاد .. فإن مشنوق باب الخلق قد جاءه مراسلون أجانب ووفود من دول العالم وصحفيون ووكالات أنباء وكاميرات تصوير تنقل الحدث على الهواء مباشرة لحظة بلحظة وتجعل القاهرة في بؤرة اهتمام كل من يعنيه الحدث ليتابع الجميع في كل مكان في المنازل والمحال والشوارع والمكاتب والباصات وفي نشرات الأخبار والفضائيات والبرامج المتخصصة .. ما جعل طومان باي يتوارى حدثه خجلاً أمام طوفان الاهتمام بهشام وسوزان والسكري... ولئن كانت تهمة مشنوق باب زويلة السلطان طومان باي هي مقاومة الاحتلال والدفاع عن التراب المصري حتى النفس الأخير رغم أن السلطان طومان باي لم يكن مصريا بل كان آخر المماليك الجراكسة... فإن تهمة مشنوق باب الخلق وهو مصري كانت هي استخدام السلطة التي بلا قيود والمال الذي بلا حدود والسياسة التي بلا سدود في قتل إمرأة استولت منه على أموال طائلة استولى هو عليها من مستثمرين طامعين استولوا هم عليها من أفواه جوعى وفقراء الشعب المغلوب على أمره ... ولئن ذهب العثمانيون وذهب من قبلهم المماليك وذهب من بعدهم الفرنجة والانجليز .. فلسوف تذهب من بعدهم ثعالب مصر والتي قد بشمن وكذا نواطير مصر ورغم ذلك فلن تفنى العناقيد وسيبقى باب الخلق كما بقي باب زويلة ... |
طباعة الموضوع حفــظ الموضوع المفضلـة أرسل المــوضوع Face Book أبلغ عن إساءة |
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق