كتبهـا : محمد شحاتة - بتــاريخ : 7/12/2009 6:52:32 PM, التعليقــات : 14 |
افتحوا الكراريس .. قالتها المعلمة للتلاميذ الصغار في أحد فصول مدرسة بحر البقر الابتدائية .. فتح التلاميذ كراريسهم .. وأمسكوا بأناملهم الصغيرة أقلامهم الرصاص في انتظار ما ستطلبه المدرسة منهم .. غيرت المعلمة رأيها ..وأرادت أن تحكي لهم حكاية أو أقصوصة تتناسب وأعمارهم البريئة الصغيرة .. كان يا ما كان .. في سالف الأيام .. ولد اسمه الشاطر حسن .. كان دايماً يصحى من النوم بدري .. ويروح مع أبوه الصياد في المركب الصغير علشان يصطادوا السمك بالشبكة .. و .. و .. وذهب الأطفال الصغار بكل ما فيهم من عذوبة البراءة إلى عالم الخيالات الجميلة مع حدوتة الشاطر حسن .. والمعلمة تستشعر انتباها واستغراقاً من الأطفال فتتابع الحكي والأطفال يتمنون ألا تنتهي الحدوتة .. وبينما كان الشاطر حسن مسيطراً على خيالات التلاميذ .. كانت طيور سوداء ضخمة تتسلل مارقة إلى وجهة تعرفها وتعلمها وتقصدها .. والتلاميذ مستغرقون في حكاية الشاطر حسن .. وحلقت الطيور السوداء في الفضاء .. لم يقطع تحليقها تهاويم خيالات التلاميذ .. فهم متعودون على أصوات أزيز الطائرات .. لا يدركون شيئا مم حولهم حيث أن ذاكرتهم من البساطة والضعف بحيث لا يمكن لأي مدركات أن تزيح غلالة البراءة وعذوبة الطفولة وغضاضة السذاجة التي ولدوا بها كأطفال لم تتسع مداركهم بعد . ولكن كانت للطيور السوداء الضخمة التي تحلق كالغربان مهمة مقدسة أتت لإنجازها وتهيأت لها وتجهزت للقيام بها .. وهي مهمة عدم إكمال حدوتة الشاطر حسن .. وعدم إمهال التلاميذ لحين الفراغ من سماعها .. هنا أطلقت الطيور السوداء من نوع "الفانتوم" الأمريكية الصنع والتي كانت وقتها فخر صناعة الموت .. يمتطيها طيارون صهاينة لم ينسوا قبل الخروج لإتمام مهمتهم المقدسة أن يطمئنوا على شرب أطفالهم لبن الصباح .. مع قطعة شيكولا معجونة بالبندق والفستق !!.. ثم هبوا جميعاً لإنجاز المهمة المقدسة وإظهار فنون البطولة والفداء مع عدو جبار عتيد كفء في العدة والقوة والعتاد .. ذلكم العدو هو تلاميذ مدرسة بحر البقر الابتدائية بمحافظة الشرقية بمصر الذين كانوا في أمان الله يستمعون لحدوتة الشاطر حسن .. فجأة .. أمطرت السماء على الأطفال التلاميذ .. لا لم تمطرهم بالهدايا ........ بل أمطرتهم بالمنايا !!.. قنابل اقتضت عدالة الاسرائيليين الصهاينة أن تكون كلها متساوية الأوزان لتوزع الموت بالعدل على الفصول الثلاثة للمدرسة الابتدائية .. تمزقت أشلاء الصغار .. تعجنت أجسادهم البريئة بأحلامهم الطاهرة .. وتناثرت دماؤهم الزكية فوق صفحات كراريسهم التي فتحوها كما طلبت منهم الأبلة المدرسة .. تهدمت بنايات الفصول على رؤوس غضة .. وتكسرت العظام .. يا إلهي .. ما شعورك وأنت قد أوصلت ابنك وفلذة كبدك إلى مدرسته .. وتظن أنه في أمان الطفولة وفي عهدة المواثيق الانسانية وفي ذمة الأمم المتحدة وفي حوزة شرف القتال الذي يقتضي عدم المساس بأي شكل من الأشكال بطفل بريء أو بامرأة أو بشيخ ضعيف !!.. ما شعورك لو تخيلت مجرد تخيل أن ابنك تحاصره الطائرات من فوق السماء وتلقي على جسده الواهن الضعيف أطنان القنابل بلا ذنب أو جريرة سوى إشباع رغبة شيطانية ولذة إبليسية وحقد أسود شرير يريد أن يضربك في أعز ما تملك !! "كبدك" "طفلك" "ابنك" الذي لم تتفتح زهرته على وجه الحياة التي يسكنها ضمن ما يسكنها قلوب قدت من الحجارة فكانت أشد قسوة من الحجر الصلد الصوان .. (77) سبعة وسبعون تلميذا سقطوا مضرجين في دمائهم وسط أقلامهم وكراريسهم وكتبهم المدرسية .... سبعة وسبعون زهرة بريئة تهتكت أوراقها بريح حقد عاتية أطلقتها أيدي الزبانية .. سبعة وسبعون سنبلة قمح تكسرت قبل أن تنبت ودهستها أقدام الكراهية .. في يوم الثامن من أبريل عام 1970 .. بينما كان أبناء مصر .. وأبناء العروبة يلملمون شتات قواهم بعد هزيمة يونيو 1967 وقد بدأت حرب استنزاف مريرة هيأت الأرضية لحرب اكتوبر المجيدة 1973.. كانت معركة الاستنزاف موجهة ضد العدو وجنود العدو العسكريين .. بينما كان الرد منهم هو الانتقام وبأحدث الأسلحة والطائرات والذخيرة من أطفال -- تلاميذ – أبرياء !!.. حاول الصهاينة التنصل من الجريمة بادعاء أن القصف كان على سبيل الخطأ !! إلا أن المجتمع الدولي والمراقبون جميعاً قد أكدوا وتأكدوا وتيقنوا من عمدية الجريمة وتعمد المجرمين الاسرائيليين الصهاينة ضرب تلاميذ مدرسة بحر البقر الابتدائية بالحسينية شرقية بمصر ... وأترككم مع الغنوة الحزينة للشاعر المصري الراحل صلاح جاهين بعنوان (الدرس انتهى لموا الكراريس).. الدرس انتهى لِموا الكراريسْ بالدم اللي على وَرقهُم سـالْ فى قصـر الأمم المتــحدة مسـابقة لرسـوم الأطـفال إيه رأيك فى البُقَع الحَمـرا يا ضمير العالم يا عزيزي دي لطفـلة مصرية وسَمرا كانت من أشْـطََر تلاميذي دمّها راسِم زَهرة راسِم رايـة ثورة راسِم وجه مُؤامرة راسم خِلَقْ جبارة راسِم نـار راسِم عار ع الصهيونية والاستعمار والدنيا اللي عليهم صابرة وساكتة على فعل الأباليس الدرس انتـهى لموا الكراريس .. إيه رأى رجـالِ الفِكر الحُر فى الفِكرة دي المنقوشة بالدَم من طِفل فقير مولود فى المُر لكن كان حلو ضحوك الفـم دم الطِـفل الفـلاح راسِم شمس الصباح راسِم شـجرة تفاح فى جناين الإصلاح راسم تِمساح بألف جناح فى دنيا مليانة بالأشبـاح لكنـها قلـبَها مِرتــاح وساكتة على فِعلْ الأباليس الدرسْ انتـهى لِموا الكراريس … إيه رأيك يا شَعب يا عربي إيه رأيكْ يا شَعب الأحـرار دم الأطـفال جايلك يِحْـبى يقول انتـِقموا من الأشـرار ويسيل ع الأوراق يتهجّى الأسـماء ويطـالب الآبـاء بالثـأر للأبـناء ويرسم سيفْ يهِدْ الزيـفْ ويلْمع لمعِة شمـس الصيف فى دنيا فيها النور بقى طيف وساكتة على فعل الأباليـس الدرس انتهى لموا الكراريس شالوم |
طباعة الموضوع حفــظ الموضوع المفضلـة أرسل المــوضوع Face Book أبلغ عن إساءة |
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
| ||||||||
|