أجمل
وأمتع شيء تنفرد به العلمانية هو تميزها بحالة من التدرج المنضبطة
..والمتصاعدة .. والشيقة التي يمر بها كل من يلامس ثوبها .. أو يخوض تجربة
معها ويتعرض لأفكارها .. أو يتعثر في الطريق بأحد من رافعي لواءها ..أو يسوقه قدره أو تقوده قدماه فيخوض في مستنقعاتها..
فالمصادف
لآرائهم والمتابع لمنطقهم وأفكارهم ونتاج عقولهم اللوذعية.. وأمخاخهم
الألمعية.. تصيبه حالة كمثل من "لطشته" الإنفلوانزا التي تأخذ دورتها
الكاملة مع المصاب بها ..
فأول
شعور ينتاب المتعرض للفحة العلمانية هو (الضيق).. ثم (التبرم) .. ثم
ينتقل إلى مرحلة (الغضب).. ثم ترتفع الحالة عنده إلى مرحلة (الحنق) .. ثم
يبلغ الذروة حيث مرحلة(الغيظ ) الشديد.. ثم ينتهي النهاية الطبيعية حينما
تنقشع مرحلة الهلاوس والضلالات والتهاويم .. فيستقر أخيراً في حالة
من(الضحك) الهستيري حيث يبدأ في الاستمتاع بمرحلة الكوميديا العلمانية
السوداء ..
وذلك
بعد أن يكون قد تمتع بالحصانة والمناعة الكافية من الفيروس الذي يصيد
سليمي النوايا والطيبين من الناس والمسلمين خاصة والعرب على وجه الخصوص..
وهكذا
فالمصاب بفيروس الانفلوانزا تنتابه أعراض إرتفاع درجة الحرارة ..والرشح..
وهمدان الجسم .. وتكسير في العظام وربما الإسهال .. فإن المصاب بفيروس
العلمانية يصاب أيضاً بالحنق أو الاحتقان.. ثم ارتفاع في ضغط الدم.. ثم
السخونة والفوران.. ثم الضحك الشديد في النهاية ..
ومرجعية
ذلك ربما لأن العلمانية الغربية ولعدم اهتمامها بالعالم العربي عامة
والمسلمين منه خاصة فقد اختارت لها مندوبين ومراسلين ومتحدثين باسمها من
الضحالة والضآلة للدرجة التي ما عادت أفعالهم ولا أقوالهم تثير لدى
المتابع سوى الضحك الشديد من كوميدياهم السوداء ..
فهؤلاء
المراسلون أو المندوبون ربما تم تزويدهم بمجموعة من ( الإفيهات) كمثل التي
نراها في الأفلام والمسرحيات الكوميدية .. وكذلك بعض العبارات الثابتة
التي لا تتغير وبعض المفاهيم العقيمة والموازين السقيمة التي لا تتبدل
والتي حين يستعملونها في تأويل أو تفسير أو تناول ثمة حدث يخص العرب أو
المسلمين من حيث العقيدة ..أو التاريخ ..أو الجغرافيا ..أو العادات ..أو
التقاليد ..أو السلوك.. أو الأخلاق ..أو المبادئ..
فإنهم
دوماً ما يخرجون علينا بموازينهم المختلة السقيمة وعقولهم الضحلة الضئيلة
بنتائج وتحليلات وتفاسير تثير جميع مكامن الضحك لدى أشد الناس عبوساً وأشد
الوجوه إكفراراً ..
وهم
يحملون في جيوبهم أو في عقولهم القاموس لترجمة أي حدث ترجمة علمانية فورية
.. فإذا جاء ذكر العرب أو المسلمين في أي موقف فتجد ألسنتهم تنطلق وبدون
وعي بمترادفات (البداوة) و(الهمج) و(الأجلاف) و(المتخلفين) و(الإرهابيين)
و( العدوانيين) و(السذج) وغيره من هذه الفصيلة ..
وإذا
تداعت على سطح الأحداث واقعة يكون أحد أطرافها عربي أو مسلم والآخر أجنبي
.. تجد "مناديب " العلمانية يصطفون بلا وعي إلى جوار الجانب الآخر ويظلون
يلطمون الخدود ويشقون الجيوب على الطرف الأجنبي باعتباره صاحب حق ولا شك
حتى ولو كان هو الظالم الجائر المفتري المجرم .. وأن العربي أو المسلم هو
المجرم ولا ريب حتى ولو كان ظاهر البراءة طاهر الثوب و دون أن يعرفوا أصل
الحكاية أو حقيقة الواقعة..
فإذا
هب عربي أو مسلم للدفاع عن أرضه أو عرضه أو بلاده بيديه وأسنانه وبأغلى ما
يملك ( روحه وجسده) فهناك تنبري ألسن مناديب العلمانية كالحراب أو
كالحرباء تسب وتلعن وتسخر وتهاجم وتنعت ذلك العربي أو المسلم بالجهل
وبالجنون والغباء والإجرام والإرهاب والعنف وغيره وغيره !!..
بينما
إذا سحق الصهاينة المجرمون أجساد أطفال العرب ويطلقون على أجسام أطفال
فلسطين الغضة راجمات الحجارة تسحق عظامهم .. ويدوسون عليهم بالميركافا ..
ويهدمون عليهم المنازل.. ويصبون عليهم رصاص الدم دم المحرم.. وقنابل
اليورانيوم المنضبة والمشعة.. فهنا يقلب مناديب العلمانية قاموسهم على
صفحة التباكي ودموع التماسيح والتماس الأعذار وإدعاء العبط والهبل بل
ويؤيدون أفعال الصهاينة المجرمين باعتبارها دفاعاً عن النفس !!..
وإذا
فعل الأمريكان الأفاعيل في الشعب العراقي من احتلال واغتصاب وقتل وتدمير
وسرقة ونهب لآثاره وبتروله وتاريخه وكنوزه تجد ألسنة مناديب العلمانية
برداً وسلاماً على الأمريكان.. يبررون لهم ويلتمسون لهم الأعذار ويعتبرون
إحتلالهم أرض العرب كرماً !.. واغتصابهم بنات العرب شرفاً !..وسرقتهم
أموال العرب نزاهة !..
بينما إذا نافح منتظر الزيدي عن شرف العروبة المنتهك وألقم وجه بوش العكر بالحذاء يلطم مناديب العلمانية الخدود ويشقون الجيوب..
يتهمون
منتظر الزيدي بقلة الأدب وعدم احترام (الضيف) ها ها ها ها.. بوش بقى ضيف
.. ياسلام سلم يا سلام هنا بقى أسمحوا لى ببعض الدقائق حتى أنتهي من وصلة
الضحك حيث داهمتني أعراض الكوميديا السوداء .
وقس
على هذا المنوال .. في كل مجال حتى الكورة .. إذا انهزمت مصر مثلاً في
الكورة تلاقيهم زي الصواريخ يكتبوا عن الهزيمة باعتبار أن هذا هو حال
العرب المتخلفين والمسلمين الإرهابيين .. وإذا فازت مصر يتجاهلون أي شيء
وكل شيء يخص هذا الشأن..
وعن
هزيمة 1967 يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عن فضيحة مصر والعرب .. وعن انتصار
1973 تجدهم صماً بكماً عمياً لا يفقهون .. باختصار هم يبحثون عن أي مصيبة
ويلهثون خلف أي غلطة أو هنة أو خطأ فيكبرونه ويعظمونه وينفخون فيه
ويهاجموننا به..
حفظناهم وحفظنا أساليبهم وعباراتهم الممجوجة ..
ولكن
وبما أن الاعتراف سيد الأدلة .. فإننا نقر ونعترف بالجميل الذي أسداه
إلينا مناديب العلمانية فرع الوطن العربي الكرام .. فتصرفاتهم ومنطقهم
وعقولهم الألمعية تساهم أشد المساهمة في أن يرى العرب والمسلمون العلمانية
على طبيعتها حينما يخلع مناديبها عنها ثيابها فتظهر معالمها القبيحة
وتفاصيلها القميئة وحقدها الدفين وكراهيتها ومقتها لكل ما هو عربي ومسلم
ورغبتها العارمة في محو العرب والمسلمين من على خارطة الدنيا وهو حلم أبعد
من شواربها وشوارب مناديبها ..
ذلك
بأنها لو أنفقت - أعني العلمانية ومناديبها ومراسلوها- ومثلهم معهم ما في
الأرض جميعاً على أن يؤلبوا المسلمين على دينهم وعقيدتهم وقرآنهم ونبيهم
أو العرب على أصلهم وتاريخهم وثوابتهم وهويتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً
..
ذلك
لأن قيم الشرف ..والبطولة ..والفداء ..والجهاد ..والتفاني.. والتضامن..
والتواد ..والتراحم.. والتواصل.. والحساب.. والبعث ..والنشور.. والجنة
..والنار .. وغيرها من مترادفات الإيمان.. وسمات العروبة
الأصيلة التي تخلو منها قواميس العلمانية التي لا تعرف إلا الانتهازية
الشريرة .. والنفعية القميئة ..والمادية القبيحة ..والدهرية الساذجة..
والعقلية النقيصة .. والميكافيللية الرخيصة ..
حسناً سيقولون لماذا هذا التجاوز وهذا الهجوم اللاذع ؟
سنقول : أمر الهجوم ليس قصراً عليهم ..
فهم يهاجمون العرب والمسلمين والإسلام وينسبون لنا ويتهموننا بكل نقيصة وبكل مثلبة وبجارح القول ..
فلماذا لا نرد عليهم بمثل طريقتهم؟ ..
ويا أيها العلمانيون ..
إن تسخروا من العرب والمسلمين فإنا نسخر منكم كما تسخرون ..
|
طباعة الموضوع حفــظ الموضوع المفضلـة أرسل المــوضوع Face Book أبلغ عن إساءة |
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
مشآء الله لاقوة إلا بالله . موضوع رائع ولا أروع . جزاك الله خيرا أبدعت وأنصفت : ولك كل التقدير والإحترام فأنت فى مجال التدوين تلقب بالمعلم . وإذا تكلمت أنت سكت المتكلم . حياك الله وبياك . وجعل الجنة مثواك .
ردحذف