أصابته
ضربة سيف على وجهه فسقط بين أجساد القتلى والجرحى الممددة بالآلاف على ثرى
حطين .. وسرى الخبر الذي حمل إلى بلاده نبأ سقوط أورشليم في يد صلاح الدين
وهلاك جميع فرسان المعبد الذين هم خيرة وعماد الحملة الصليبية .. تهاوت
زوجته "سيسيليا" على الأرض فرقاً و جزعاً لسماعها الخبر المشئوم.. فقد
فرقت الصراعات على السلطة بينهما بعد أيام من زواجهما وزجوا به ضمن فرسان
الحملة الصليبية .. بينما زجوا بها في دير للراهبات لتخلو لهم السلطة ...
في اللحظة التي انخلع قلبها حينما وقع عليها خبر هلاكه .. كانت ارتعاشة
تنبو عن أجفان عين الفارس الجريح وهو يجاهد لفتح عينية ليجد نفسه في سرير
أنيق ونظيف وليرى بصيص وجه رجل يتبسم حين رآه يستفيق ..
فسأله الفارس الصليبي وهو في غاية الوهن والضعف والجروح تكاد تغيب معالم وجهه ... أين أنا ؟
فأجابه الرجل الباسم .. أنت في دمشق.. فسأله ثانية؟ كيف أنني لم أمت؟
فمال الرجل على وجهه وهو ممسك بمنديل مبلل بالماء يمسح عنه العرق؟ هذا السؤال يجيبك عنه أخي ..
وكان
أخوه الذي أجاب عن السؤال هو الناصر (صلاح الدين ) نفسه .. قائد المسلمين
الذي أنقذ الفارس الصليبي حينما سقط مضرجاً في دمائه وأمر بعلاجه وأولاه
أفضل عنايته ورعايته وحدثه عن أن المسلمين لايريدون بغياً في الأرض ولا
ينامون عن حقهم السليب أبداً ولا يغيب عنهم شرف الخصومة مبدأً ..
وجهز
صلاح الدين الفارس الصليبي بما يلزمه من عدة وعتاد والمال الذي يعينه على
العودة إلى بلاده الاسكندنافية الباردة ليحمل إليها رسالة صلاح الدين
والمسلمين إليهم وأرسل معه مرشداً أميناً يصطحبه حتى أطراف الحدود ...
كانت هذه ضمن أحداث فيلم "أجنبي" شاهدته بالأمس مصادفة وعنوانه( ARN-RIKET VID VAGENS SLUT) ..
عاد
الفارس الصليبي إلى بلاده وهو في شدة الامتنان والتأثر من نبل وشهامة وكرم
وشجاعة المسلمين والممثلة في قائدهم صلاح الدين ليخوض الفارس معارك توحدت
فيها تحت رايته النرويج والدانمارك ..
نعم الدانمارك التي وبعد أكثر من ثمانمائة عام من إطلاق صلاح الدين سراح فارسهم الصليبي الذي وحدهم بعد فرقة ولملم أشتاتهم ..
فقد
خرج منها اليوم ( زبد ورغاء ) كرغاء البعير سال من ( حنك) أو من ريشة
"لافرق" رسام دانماركي ليس ليسيئ ويهين به بعضاً من المسلمين أو قوادهم بل
انعطف على رمز رموزهم "نبيهم ورسولهم" ليستخف به ويرسمه متخيلاً إياه في
صورة ساخرة هازئة مهينة ثم يزعم الوقح ومن والاه أنها حرية التعبير...وأن
هذه هي صورة المسلمين في الغرب.. "الإرهاب" و"التخلف" و"العنف" ..
ومصيبتنا
ليست في مهاويس ومتعصبي أوربا أو الغرب عموماً ممن ساندوا وأيدوا وشجعوا
ذلك البعير الدانماركي على أن ينثر رغاءه لوحات تهين نبينا ورسولنا ..
لكن
المصيبة السودا والتي هي أسود من قرن الخروب هي فيمن يدافع عنه من بني
جلدتنا ويلتمس له الأعذار و:انه لا يعرف الفرق بين حرية التعبير وبين تعمد
الإهانة والإساءة والتحقير والتشهير ..
أوربا
التي أنتجت قوانين صارمة باترة شديدة الحزم لحاكمة أي شخص أياً كان اسمه
أو مركزه ينكر أو حتى يشكك في حدوث أو في حجم المحرقة أو الهولوكوست أو
حتى يتناولها بغير الصورة والزاوية والطريقة التي ترضي الصهاينة اليهود ..
وكل من تسول له نفسه ذلك يطارد ويشرد ويقاطع وتمتنع مطابع الغرب كلها عن
طباعة جميع كتبه أو منشوراته أو أعماله ... ويصير مكانه في لمح البصر من
علية القوم إلى أسفل السافلين و لا تنفعه توبة ولا يفيده ندم إذا أراد
التوبة والندم على المساس بالمحرقة النازية لليهود رغم أنه حدث من أحداث
التاريخ تقبل بل يجب أن تخضع للدراسة والتأويل والتفنيد وغير ذلك من حوادث
التاريخ..
فأنت
تستطيع أن تجدف على الذات الإلهية في أوربا والدانمارك وفرنسا وغيرها ولك
أن تشكك في وجود الله ذاته فهذه من مطلقات الحرية.. ولكنك لا تجرؤ أن تفتح
فمك لتجدف على المحرقة أو الهولوكست أو تشكك فيها..
هذه
هي حرية أوربا في التعبير.. هذه هي الحرية على النظام الغربي .. وعلينا
نحن المسلمون أن نخضع لمعاييرهم حتى نصير متحضرين بنظرهم .. وحتى نصير
آدميين في عيونهم.. وحتى نبرأ من تهم الإرهاب والتخلف إلخ إلخ .. إن نظرة
هؤلاء المهاويس والمتعصبين ضد كل ما هو عربي أو مسلم عموماً ليست ملونة
بسوء أعمال المسلمين أو بالجرائم التي يرتكبها بعض أفرادهم أو جهالهم أو
سفهاؤهم (عند الغرب من يماثلهم إرهاباً وجهلاً وسفهاً وتعصباً وحمقاً
وربما يفوقونهم) ولكن نظرة هؤلاء موجهة للإسلام كدين وعقيدة ورمز .. وهي
نظرة تاريخية ليست نبت الأحداث ولا من وحي الحوادث ولا من قرقعات
التفجيرات ولا هي وليدة الوقت الحاضر ولا حتى القرن الذي انصرم...
إن تقدمهم ونهضتهم التي قامت على أعتاقنا وساهمنا نحن لهم فيها بخيرات بلادنا التي نهبوها وأراضينا التي استعمروها وسواعد أبناء شعوبنا الذين استعبدوهم واتخذوهم سخرياً حتى قفزوا إلى ما قفزوا إليه فوق أجسادنا وجعلوا يرقصون على جثثنا وهم يتبادلون أنخاب النبذ الأحمر المعتق .. ليتقدموا هم ولنتأخر نحن .. ليعيشوا هم ولنتعذب نحن.. وليلهوا هم ولنئن نحن.. ثم ليمارسوا حرية رأيهم على رموزنا ومقدساتنا ولا يجوز لنا نحن إلا الصمت أو الموت...
يبدو أن نسوا أو تناسوا سبب هزيمتهم المنكرة هم وجميع جيوشهم الصليبية .. وها نحن نذكرهم بما نسوا..
فالقدس والشام كانت تحت يد الاحتلال الصليبي وكانت القدس تسمى ب (القدس اللاتينية) وكان أحد قواد الصليب ويدعى (رينالد أرناط) الذي تحصن بحصن "كراك " الواقع في الطريق من سوريا إلى مصر والحجاز . وكان معروفاً عنه النزق والعربدة والبلطجة والإجرام اللامتناهي وتحت حماية ملك المدينة المقدسة آنذاك "غي دي لوزينيان" .. فهاجم قافلة متجهة من القاهرة إلى دمشق ونهبها وسلبها وسجن أفرادها جميعه رغم وجود هدنة تؤمن طريق التجارة بين البلدين .. بل كان يخاطبهم بكل وضاعة قائلاً ( قولوا لمحمد يدافع عنكم ) يقصد نبي الإسلام متحدياً وساخراً ..
وحين
طالب صلاح الدين في الحال ملك القدس بالتعويض عن الضرر والإفراج عن الأسرى
و محاسبة الناهب، ولكن الملك لم يجازف بمس تابعه القوي رينالد، فكان أن
قرر صلاح الدين إعلان الحرب وعندما هزمتهم جيوش المسلمين وقد أسرت ملك بيت
المقدس ومعه مائة وخمسون تبقوا من فرسان المعبد وتم أسر المجرم (أرناط)
وغيره من كبار قادة الصليبيين .. فأكرمهم صلاح الدين وأنزلهم منزلة تليق
بكرامتهم ومكانتهم وأمر لهم بالماء المثلج في عز القيظ ولم يعط المجرم
"أرناط " الماء وقتله وفاء لنذر نذره مرتين إحداهما لما أراد "أرناط"
المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا"..
فكان أن برّ صلاح الدين بيمينه و ضرب عنق "أرناط" ...
لذا
يبدو أن سلالة الفارس الصليبي وملك القدس والقواد وفرسان المعبد والقواد
الصليبيين الذين أحسن إليهم صلاح الدين وأكرم نزلهم وأعادهم إلى بلادهم قد
انقرضت بينما انتثرت سلالة (أرناط) لينحدر منها أمثال ذلك الرسام ومن على
شاكلته ليعيد على أسماعنا وعلى مرائينا ذات معاني الاستخفاف والسخرية من
نبي الإسلام والتي فاه بها من قبله ومنذ ثمانمائة عام جده الملعون (أرناط)
الذي لقي مصيره العادل على يد صلاح الدين ..
فلماذا يعجبون إذا انتفض أبناء المسلمين حمية وذوداً عن حياض رسولهم إذا مسها زبد أو رغاء من بعير!!!
|
طباعة الموضوع حفــظ الموضوع المفضلـة أرسل المــوضوع Face Book أبلغ عن إساءة |
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
||||||||
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق